دار في فكري مع هذه الإعلانات المتفرقة عن دورات متعددة أن تكون هناك دورة لكل فرد مع نفسه أو مع أسرته ليجعل من شهر شعبان مؤهلا ليخوض غمار الطاعة في رمضان فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل اغتنامه ويجهز برنامجه في رمضان ويجدول مهامه الخيرية كثير من الناس يأتيه رمضان وما أعد العدة بعد بل قد يمر نصفه وهو يفكر أو يسوف فما رأيكم بارك الله فيكم أن نجعل من شهر شعبان دورة تأهيلية لرمضان فنحرص فيها على اعتياد قراءة القرآن والصوم و.... وسائر العبادات ويكون هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية وحركة تأهلية لمزيد من الطاعة والخير في رمضان فعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه ، لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْر مِنْ الشُّهُور مَا تَصُوم مِنْ شَعْبَان , قَالَ :" ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان , وَهُوَ شَهْر تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَال إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" ذكروا أنفسكم واعتمدوا على ربكم وذكروا من حولكم وستنالون شهادة رضا ومحبة وقبول ممن ترفع إليه أعمالكم فبادر عبد الله قبل البدار رزقني الله وإياك التوفيق والسداد.قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه . وقوله " شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان " يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك . وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه . وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة ، وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها : أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء ، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد ، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم ، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته ، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه ، فعن ابن مسعود أنه قال : " إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين " ، وقال قتادة : " يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام " وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين ، وعند مسلم ( رقم 2984 ) من حديث معقل بن يسار : " العبادة في الهرْج كالهجرة إلي " ( أي العبادة في زمن الفتنة ؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) . من أحكام شهر شعبانشهر شعبان من الشهور التي جاءت السنة بتعظيمه و تفضيله، و من رحمة الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قد بينا لنا ما نصنع فيه مما يقربنا إلى الله . في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، و كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا ). و لتعلم يا عبد الله أنه في هذا الشهر يتكرم الله على عباده بمنتين عظيمتين؛ نحن أحوج ما نكون إليهما: 1- عرض الأعمال على الله و بالتالي قبوله ما شاء منها. 2- مغفرة الذنوب للعباد من عند الله تكرما، و تفضلا. و لكي تنال هاتين المنتين؛ فما عليك إلا أن تقوم بما أرشدك إليه النبي صلى الله عليه و سلم: ثبت عند النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر ما تصوم من شعبان، فقال صلى الله عليه و سلم: ( ذاك شهر يغفل فيه الناس؛ بين رجب و رمضان ، وهو شهر ترفع في الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي و أنا صائم ). فالحكمة من إكثاره صلى الله عليه و سلم الصيام في شعبان؛ أمران: الأمر الأول : أنه شهر تغفل الناس عن العبادة فيه؛ و معلوم أن أجر العبادة يزداد إذا عظمت غفلة الناس عنها، وهذا أمر مشاهد؛ فأكثر الناس على صنفين: صنف انصرفوا إلى شهر رجب و أحدثوا فيه من البدع و الخرافات ما جعلهم يعظمونه أكثر من شعبان. و الصنف الآخر لا يعرفون العبادة إلا في رمضان. الأمر الثاني : أن الأعمال ترفع إلى الله فيه، و أفضل عمل يجعل أعمال العبد مقبولة عند الله هو الصيام؛ و ذلك لما فيه من الانكسار لله تعالى، و الذل بين يديه، و لما فيه من الافتقار إلى الله . فيشرع لك يا عبد الله أن تصوم شعبان إلا قليلا، أو تكثر من الصيام فيه حتى تقبل أعمالك عند الله . يا أخي: إنها و الله أيام قلائل تصومها ثم ماذا ، تقبل أعمالكم. أتدري ما معنى قبول الأعمال؟إنه ضمان بالجنة. يقول ابن عمر رضي الله عنهما : لو علمت أن الله تقبل مني ركعتين؛ لاتكلت، لأن الله يقول: ( إنما يتقبل الله من المتقين ). فصم يا عبد الله فلعل الله يطلع عليك في هذا الشهر فيرى كثرة صيامك فيقبل الله سائر أعمالك. كم من عمل معلق؛ فلم جاء شعبان صامه أقوام فقبل الله أعمالهم كلها. و الله لو قيل لأحدنا كم تدفع ليقبل الله عملك ؛ لبذل كل غال و نفيس. فكيف و الله لا يريد منا كثرة الإنفاق، و لكن يريد فقط كثرة الصيام في شعبان. تنبيه: بعض الناس يترك الصيام أول شعبان فإذا اقترب النصف منه أو بعد النصف بدأ يصوم، وهذا خطأ لأن النبي صلى الله عليه و سلم قد نهي عن الصوم بعد النصف من شعبان، كما في الحديث الذي يصححه بعض أهل العلم : ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا...) و الحكمة في هذا النهي – و الله أعلم – أنه قد يكون فات العبد فرصة قبول الأعمال( التي لم تقبل) فلا يبق لصيام العبد بعد النصف إلا من أجل الاستعداد لرمضان و هذا قد جاء النهي عنه كذلك. و الله أعلم. اللهم نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق