الجمعة، 15 أغسطس 2008

حيرتونا معاكم


حيرتونا معاكم
!!

" أنا ملتزم بالطريقة الصحيحة , وليس بالمفهوم الضيق والغبي الذي يفهمه الكثير "


لن أستطيع أن أحصي لك عدد المرات التي سمعت فيها هذه العبارة , يتبعها ابتسامة على بقية التوضيح الذي يخبر أن الكثير لديه مفهوم خاطئ عن الالتزام . فالبعض من هؤلاء يتحدث عن أناقته , خصوصا ارتداء "العقال" الذي يراه مختفيا عند الملتزمين , ولا مانع لديه من " اللعب و التّكشيت والتهييص " , لكن بحدود ( يعني موفالِل أبوها ) كما يحب أن يؤكد , والبعض الآخرلا يرى أي مانع أن تقود زوجته أو ابنته السيارة , ثم يستدرك : ( مو سيارتي طبعا ) , و منهم من " شطح " بعيدا , إذ يحلو له أن يخبرنا أنه يجيد مراقصة النساء التي يعدها الملتزمون حراما . وفي حياتي كلها لم أسمع عالما يحرم مراقصة الزوجات حتى يعتب عليهم في ذلك !! أما إن كان يقصد مراقصة زميلات العمل , فنحن نطالبه بالدليل القطعي حتى نراقص جميعنا " وماحدا أحسن من حدا " ..

من جهة أخرى , هناك من يحب أن يرادف كلمة "ملتزم" لكلمة "متشدد" , لأن منظر اللحى الكثة أصبح يعني لديه أوامربالانقطاع للعلم والمسجد , أوقوانين حظر تجول تفرض على نساء يحتجزن كرهائن في المنازل , ويتخذ من هذه الحالات ذريعة للتملص من الالتزام بل من واجبات الدين نفسه , فهو لا يريد أن يدع التدخين مثلا , ولا يريد أن ينتظم في صلاة الجماعة لأنه على يقين أن أخلاقه أفضل من أخلاق ألف ملتزم كما يدعي ..

أما الحديث عن "الدعاة المودرن " كما يطلق عليهم البعض تهكما , فهو حديث ذو شجون , فالكثير منهم للأسف على الرغم من الحماس والايجابية التي يبثها أصبح مصدر "فتنة" , خاصة للنشء من الشباب . كما حدث مع إحدى زميلاتي التي كانت منذ نعومة أظافرها على اقتناع بحرمة الموسيقى , أما اليوم فبفضل أحدهم تراها من أنجح الوسائل للدعوة إلى الله !!
ومع أني ألتمس منهم النفع والخير إلا أن الحيطة والحذر تبقى ديدني في استقبال صادراتهم ..
أحدهم وهو معروف في الساحة الإعلامية بإبداعاته ,فاجئني في مقال له بإبداء إعجابه بفيلم أمريكي - لا يحضرني اسمه الآن - يحث على مشاهدته , ويرى أنه يحمل قيمة أخلاقية عالية, لأنه يحارب الكذب بأسلوب جميل , وهو في حقيقته فيلم كوميدي لاهم له سوى إرغام المشاهد على الضحك , وسيزداد الضحك حتما على مشاهد "وضيعة" , أحدها منظر الزوج - الذي يعرف أن زوجته على علاقة بصديقها - حين يقف مودعا لهما وهما بصدد نزهة فيقول للصديق متهكما : ( استمتع بزوجتي جيدا ) , وكأن الغرض أن يظهر مثل هذا الزوج محنكا في حين أن الزوج الذي تأخذه الحمية والغيرة على زوجته سيبدو ساذجا ..

وعلى الرغم من توسع مفهوم ( الدين في القلوب ) , والذي أصبحت معه الواجهة الخارجية تشكي سوء حالها عند البعض , فقد تقابلني متطوعة أو مندوبة عمل خيري , ألهو عن كلامها بمنظر العباءة الذي يجعلني أقتبس منه "موديل" ثوب سهرة !! ثم يحبطني كليا معرفتي بأن بعضا من هؤلاء يهتم بتواجد اسمه بجانب العمل الخيري أكثر من فعله , إلا أني لا أريد الإعراض عنهم , بل يبقى بيننا ود التناصح , وأسأل الله لهم ولي " نور البصيرة "..
أعجبني ما سمعته من الشيخ سلمان العودة حثا منه على تقديم النظرة التفاؤلية على من حولك :
حين ترى امرأة محجبة ومدخنة فلا تقل : يا للخسارة , محجبة وتدخن , بل قل : شيء جميل , على الرغم من أنها مدخنة إلا أنها محجبة ..

ما أريد قوله أن لقب " ملتزم " أصبح يدخلنا في متاهات لا خروج منها , لذا استبدلته بألقاب أخرى " صالح , خيّر , فاضل , محافظ , نص هيك ونص هيك !!"

ويبقى احترامي لكل من حمل هذا اللقب " ملتزم " بحق ( لا إفراط ولا تفريط ) ..

ليست هناك تعليقات: